أسامة المبدع صاحب♥♫ الموقع
جنسيتك : عدد المواضيع : 590 متى سجلت : 25/03/2015
| موضوع: علامات الرياء الثلاثاء مايو 19, 2015 2:35 pm | |
| السؤال : المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أبعد الناس عن الرياء ، فكيف للواحد منّا إذاً أن يعرف ما إذا كان يرائي أم لا، سواء في عبادته أو في الأمور العادية ، خصوصاً وأن الرياء كما جاء في الحديث أخفى من النملة السوداء على الحجر الأسود في الليلة الظلماء ؟
الجواب : الحمد لله الرياء من أعظم الأمراض التي تصيب القلب ، وقد روى أحمد (23630) عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ : " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ ) ، قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ ، قَالَ: ( الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ : اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً ) وحسنه محققو المسند . والواجب على المسلم أن يجتهد في إخلاص العمل لله ، والبعد عن الرياء .
وهناك علامات وأمارات على الرياء ، فإذا وجد العبد بعضها ، وجب عليه أن يراجع نفسه ويصحح نيته وقصده ، فمن ذلك : - تحسين العمل وتزيينه لما يرى من نظر الناس إليه ، فهو يحسنه لأجل نظر الناس ، لا لله ، فإذا كان يحسن العمل أمام الناس ، ويسيئه إذا خلا : فهو مراء . وقد روى ابن ماجة (4204) عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : " خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ، فَقَالَ: ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ؟) ، قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: ( الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ) . وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة" . - أن يعمل العمل يطلب به مدح الناس وثناءهم عليه ، فيكون طلبُ مدحِ الناس له أحدَ دوافعه على هذا العمل . - العمل لأجل ما عند الناس ، أو خوف ما عندهم . قال ابن القيم رحمه الله : " الرِّيَاءُ الْمَذْمُومُ : أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ قَصْدَ التَّعْظِيمِ وَالْمَدْحِ، وَالرَّغْبَةَ فِيمَا عِنْدَ مَنْ تُرَائِيهِ ، أَوِ الرَّهْبَةَ مِنْهُ " انتهى من "مدارج السالكين" (2/ 83) . وقال أيضا : " لَا يجْتَمع الْإِخْلَاص فِي الْقلب ومحبة الْمَدْح وَالثنَاء ، والطمع فِيمَا عِنْد النَّاس إِلَّا كَمَا يجْتَمع المَاء وَالنَّار ، فَإِذا حدثتك نَفسك بِطَلَب الْإِخْلَاص ، فَأقبل على الطمع أَولا فاذبحه بسكين الْيَأْس، وَأَقْبل على الْمَدْح وَالثنَاء ، فازهد فيهمَا زهد عشّاق الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة ، فَإِذا استقام لَك ذبح الطمع ، والزهدُ فِي الثَّنَاء والمدح: سهل عَلَيْك الْإِخْلَاص " انتهى من "الفوائد" (ص 149) .
أما من عمل العمل لله ثم مدحه الناس عليه ، فسره ذلك ، فليس ذلك من الرياء . قال الشيخ عبد الرحمن السحيم حفظه الله : " علامة الرياء حُبّ الثناء ، والتطلّع إلى مدح المخلوقين ، وكون النية مَشُوبة بِغرَضٍ دنيويّ ، ومحاولة الإنسان إظهار نفسه ، ونِسبَة نفسه دائما إلى الكمال ، ونسيان عيوبها . أما أن تَسُرّ الإنسان حسَنَته ، أو يَعمل العَمَل فيُثنى عليه به بعد ذلك ، فيسرّه ؛ فليس هذا من الرياء ، ولا هو قادِح في الإخلاص " انتهى . وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : " الرياء : هو أن يعمل الإنسان العمل الصالح لأجل أن يراه الناس فيمدحوه ، وهو محبط للعمل ، وموجب للعقاب ، وهو شيء في القلب ، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم الشرك الخفي . ومن علاماته: أن ينشط الإنسان في العمل إذا كان يراه الناس ، وإذا كانوا لا يرونه ؛ ترك العمل . والذي يبتلى بالرياء : يُنصح بالخوف من الله ، ويذكر باطلاع الله على ما في قلبه ، وشدة عقوبته للمرائين ، وبأن عمله سيكون تعبا بلا فائدة ، وبأن الناس الذين عمل من أجل مدحهم سيذمونه ويمقتونه ولا ينفعونه بشيء " انتهى من " المنتقى من فتاوى الفوزان " (12 /4) .
فإذا وجد العبد شيئا من ذلك فليحذر وليصحح نيته وليتب إلى ربه . وإن لم يجد شيئا من ذلك فلا يفتح باب الوسواس على نفسه .
وإذا أخلص العبد لله تعالى ، فإن الله تعالى يعينه على الإخلاص ويدفع عنه الرياء . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: " إِذَا أَخْلَصَ الْعَبْدُ انْقَطَعَتْ عَنْهُ كَثْرَةُ الْوَسَاوِسِ وَالرِّيَاءِ ". انتهى من "مدارج السالكين" (2/ 92) .
أما حديث : (الشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ الذَّرِّ عَلَى الصَّفَا فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ) فرواه الحاكم (3148) من حديث عائشة رضي الله عنها ، وهو حديث ضعيف جدا ، انظر : "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (3755) .
ولكن صح بلفظ : (الشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ) رواه البخاري في الأدب المفرد (716) ، وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" .
والله تعالى أعلم . | |
|